البلياتشو



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

البلياتشو

البلياتشو

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    بلال فضل يكتب:الحزب الوطني الذي خـّلا وجه مصر شوارع

    mans7ester
    mans7ester


    ذكر
    عدد المساهمات : 352
    تاريخ التسجيل : 16/10/2008

    بلال فضل يكتب:الحزب الوطني الذي خـّلا وجه مصر شوارع Empty بلال فضل يكتب:الحزب الوطني الذي خـّلا وجه مصر شوارع

    مُساهمة من طرف mans7ester الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:34 pm


    كما تكونوا يولّي عليكم، وكما يولّي عليكم تكون شوارعكم.
    الشوارع تشبه حكامها، الحزب الوطني يذكرني بأول شارع فيصل، الذي لو زاره الملك فيصل- رحمه الله- لما استخدم سلاح البترول في حرب أكتوبر.. حكم الرئيس مبارك يذكرني بشارع الجلاء، الذي لا ينجلي لا آناء الليل ولا أطراف النهار.. حال مصر يذكرني بشارع قصر العيني، يحل عليه غضب الله في الصباح، ويحفه لطف الله في المساء..
    كلام قادة الحزب الوطني عن إنجازاتهم يحمل إلي خياشيمي علي الفور الروائح، التي تهجم عليك من أسفل كوبري مهمشة.. وكلام جمال مبارك عن رؤيته لمستقبل مصر يجعلك تشعر أنك عالق في ميدان ابن سندر، يعدك ويمنّيك بجمال مصر، الجديدة، لكنه يذهب بك إلي نفق العباسية.
    عندما يحب المصريون شارعا، يسبغون عليه وصفا ينبض بالحميمية «شارع رايق».. ابقي قابلني لو سمعت هذا الوصف الآن.. ذهب الحزب الوطني المبارك بروقان الشوارع مع روقان المزاج وروقان العيشة، والمصريون لم يعودوا يفكرون في أوصاف يخلعونها علي الشوارع، بقدر ما يفكرون في مخارج يخلعون بها من الشوارع السد التي تحاصرهم.
    «الشوارع بقت حاجة صعبة أوي» أعتبرها ترجمة مهذبة علي طريقة معامل أنيس عبيد للشتائم، التي يطلقها المصريون في هذا العهد المبارك علي شوارعهم، التي لم يعودوا يتورعون عن شتيمتها بالأب والأم.. في العجوزة شاهدت بأم عيني سائق تاكسي عجوزا وقبيحا ينزل في عز الزحمة، ليشتم السيدة، التي يحمل الشارع اسمها الأول وحده، عندما ذكرته بالله وطلبت منه ألا يخوض في عرضها، قال لي إنه متأكد مما يقوله، وإنها لو لم تكن كما يقول لسموا الشارع باسمها الثلاثي.
    في الخمسينيات، افترض أبونا صلاح جاهين حوارا ساحرا بين الشارع والحارة، يزهو فيه الشارع علي الحارة بحداثته، ويعايرها برثاثة حالها، ورغم إيمانه بالثورة، لم ينه جاهين الصراع لصالح الشارع، منهيا الجولة لصالح الحارة التي- علي حد قوله- «ردت رد خلت الشارع اتسد»، لم يحدد جاهين طبيعة الرد، الذي نتعته الحارة لكنه تركه بمَعْلمة لخيال القارئ، سقيما كان أو سليما.. السليم افترض أن رد الحارة جاء صوتيا منغما،
    أما السقيم فقد افترض أن ردها جاء حركيا. لو كان جاهين بيننا وأدار اليوم حوارا عصريا بين الحارة والشارع، لما نجت الحارة بردها، ولأخرج الشارع مطواة قرن غزال أو سيفا أو كزلكا ليعور الحارة، أو لرمي عليها مية نار، زمان كانت الحواري متهمة في أخلاقها، اليوم لم تعد تدري مم َينبغي أن تشكو، من أخلاق الحواري، أم من أخلاق الشوارع، أم من أخلاق الفلاحين،
    أم من أخلاق السياسيين، أم من أخلاق الأطفال، الذين كانوا يسيرون حفاة عراة في الشوارع وراء عربية الرش، يلقون الطوب علي المارة، ولما كبروا وكبرت معهم أخلاق الشوارع عينتهم الدولة رؤساء تحرير لصحفها، لكي يرموا بلاهم علي كل من يحدث نفسه أن يحدثها بسوء. هذا ماآل إليه الحال. الحواري صارت أوكارا إلا ما ندر، والشوارع شرّعت شريعتها الخاصة، التي لم يعد للناس خيار، سوي أن يذعنوا إليها أو يهربوا إلي شققهم التي حولها الغلاء والفقر وفقدان الرغبة إلي شقوق، يكن الناس في صالاتها المعتمة،
    بعدما لم يعد هناك ما يغري بالفرجة في الشوارع التي تطل عليها البلكونات، التي صارت بدورها مخازن للكراكيب المقبضة. كلما تقدم بنا العمر في ظل هذا العهد المبارك أصبحنا نفقد كل يوم شارعا ذا اتجاهين، نراه وهو يسقط أمامنا ليصبح شارعا ذا اتجاه واحد، طبيعي بعد كل هذه السنوات من حكم الفرد أن تطلب الشوارع نفسها أن تصبح اتجاها واحدا.. شارع الصحافة، وشارع الحرية، وشارع الثورة،
    وشارع السياسة، وشارع مجلس الشعب، وشارع المال والأعمال.. كلها صارت شوارع ذات اتجاه واحد، اتجاه توريث قصر الرئاسة، وما أفلح قوم لم تكن شوارع الصحافة والحرية والمال والأعمال والسياسة لديهم ذات اتجاهين.
    الشوارع عند الحاكم الذي اغترب عن شعبه، مكان يمرق منها، من مطاره إلي قصره، يخرج إليها في زينته فلا يري فيها إلا وجوها غائمة، تحجبها أجساد متشابكة الأيدي، ظهورها بيضاء في الصيف وسوداء في الشتاء، يخطف نظرة، إن أراد،
    من خلف زجاجه المصفح الواقي ضد الرصاص وضد التغيير، إلي أسفلت الشوارع المغسولة وأرصفتها المدهونة وأعمدتها المنيرة وأشجارها الباسقة، فيحمد الله ويثني علي محافظ العاصمة، ويستند علي مقعد سيارته راضيا عن الشغل اللي إتعمل في البلد، مع إنه لو طلب تغيير مسار موكبه إلي أول شارع يقابله، لرأي الشوارع علي حقيقتها.. عكرة قذرة متعكرة ممرورة ملخفنة لم تغسلها إلا دموع الناس، ولم تدهن إلا بمرار العيشة.
    لو عقل الحاكم، لأدرك أن الشارع طريقه الوحيد لراحة البال وأمان القصر، وتأمينه الأكيد ضد غدر الزمن، لو عقل لقرأ في كتب التاريخ عن الشوارع، وقلبتها الوحشة عندما تضيق بساكنيها ويضيقون بها، ولما استمع إلي بطانة، تهون له من خطر نزول الشعب إلي الشوارع،
    علي أساس أن الجيش سينزل عندها إلي الشوارع ونبقي خالصين، لو رضي الله عنه لأدرك أن ما يحتاج إليه من أجل حكم يطول ويمتد للأنجال- إن أراد- هو أن ينزل العدل إلي الشوارع، وتحل الرحمة عليها وترتوي بالأمل، وتنهض البلاد التي حولت سنوات حكمه الطويلة وجهها الجميل إلي شوارع سد.



    اسير تحت تأثير حب ضائعبلال فضل يكتب:الحزب الوطني الذي خـّلا وجه مصر شوارع Eh_s(17)

    elzar
    elzar


    عدد المساهمات : 392
    تاريخ التسجيل : 16/10/2008

    بلال فضل يكتب:الحزب الوطني الذي خـّلا وجه مصر شوارع Empty رد: بلال فضل يكتب:الحزب الوطني الذي خـّلا وجه مصر شوارع

    مُساهمة من طرف elzar الثلاثاء نوفمبر 11, 2008 5:14 am

    santa santa santa مشكوررررررررررررررررررررررررر santa santa santa

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 19, 2024 8:38 am